الخميس، 17 يوليو 2014

حول برنامج ملك الشعر...

  وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي ، في القرن الثاني من الهجرة ، علم العروض ، العلم الذي : يعرف به مكسور الشعر من موزونه ، كما يعرف بعلم النحو : معرب الكلام من ملحونه .  وقد كانت العرب على علم بأوزان الشعر العربي وبحوره على تباينها ، يدركون بذوقهم وسليقتهم ، البحر الذي ينظمون عليه وما يعتري أوزانه المختلفة من زحافات وعلل  ، وإن لم يعطوها الاسماء والمصطلحات الخاصة التي وضعها الخليل فيما بعد ، وعلمها بذلك شبيه بعلمها بالإعراب في الكلام حين كانوا ، بذوقهم وسليقتهم ، يرفعون أو ينصبون أو يجرون ، ما حقه الرفع أو النصب أو الجر ، دون علم بما وضعه النحاة فيما بعد من مصطلحات الإعراب وقواعده.
  وقد ألفت في هذا العلم كتب كثيرة ، منذ أن ابتكره الخليل ، عنيت فقط ، بـشرح قول الخليل بالأمثلة والتفسير .    ولذلك ، ظل هذا العلم محاطاً بالغموض والإبهام ، مما تسبب في عزوف الناس عن تعلمه أو تعليمه ، وأحاله إلى كلام مجهول يستكد العقل كما قال الجـاحظ  فضلا عن تشبيه بعض الشعراء ، للشعـر بأنه كالنحت في الصخر ،  وتأكيد ابن خلدون في مقدمته على أنه غريب النزعة عزيز المنحى ، صعب المأخذ على من يريد اكتساب ملكته بالصناعة .
   ومن ثم ، فقد حـُرمت الأمة ماضياً وحاضراً ، من مبدعين حقيقيين حال جهلهم بصنعة الشعر من نثر إبداعاتهم ، وعطّل أو تسبب في تأخير نشر مبدعين آخرين لانتاجهم ، تخوفاً من مخالفة ما أنتجوا للميزان ، ومن ثم تعرضهم للنقد والسخرية . وللسبب الأخير نفسه اقتصر شعر العديد من كبار الشعراء في الحاضر والماضي على بحور معينة وأوزان محددة لا يتعدونها خوفاً ورهبة وجهلا ، فحرموا الناس وأنفسهم من العزف على أوتار شتى لابداع منوع الأنغام والألحان .
   وهذا البرنامج ، رغم أنه لا يعدو أن يكون سوى تطبيق رياضي لنظرية العالم الفذ والورع الزاهد الخليل بن أحمد  ، وتحويل مقولاته إلى لغة تفهمها الآلة ، إلا أنه ، بمشيئة الله ، سيمكن  كل من يعرف القراءة والكتابة ... أن يكون شاعراً ، فيسطع نجم المبدعين ، ويغيب وهج الناظمين .
    وأهمية هذا البرنامج لا تقتصر على الشاعر الملهم الموهوب فقط ، بل هو لازم لطلاب اللغة والمتخصصين في فروع الثقافة العربية من تاريخ واجتماع وأدب وبلاغة ومذاهب دينية أو عقلية ، لأنه يعينهم على فهم الشعر العربي الوارد في المراجع والكتب ،  وقرائته قراءة صحيحه والتمييز بين سليمه ومختله وزناً .
   ولمّا كان تشكيل كلمات المصراع أو البيت الشعري بطريقة صحيحة ، هو أساس الوزن الشعري ، ولمّا كان علم الصرف هو العلم الذي نعرف به أصل وبناء الكلمة وحركاتها وسكونها ، فإن هذا البرنامج فضلاً عن توفيره لميزة التشكيل الآلي للمصراع أو البيت أو القصيدة المدخلة ، فإنه يتيح معرفة أصل وبناء ومعنى أي كلمة وكافة التَّشْكِيْلَات المحتملة لها ، مع عدم تجاهل قاعدة أن للشعراء يجوز مالا يجوز لغيرهم . وبالتحليل الصرفي ، يمكن أيضاً تحويل أي جملة أو مقالة إلى قالب شعري يتم صياغته على بناء و وزن أي قصيدة أو بيت شعري .
الله العظيم أسأل ، أن ينفع به اللغة الخالدة ، معتذراً سلفاً عمّا قد يرد في أوامره أو شروحاته من تقصير أو خطأ ... لم ولن يخلو منه بحثٌ أو برنامج حاسوب.




هناك تعليق واحد:

  1. عمل رائع جزى الله خيراً من ساهم في الإعداد والنشر

    ردحذف